يعد بلطي من أبرز فناني الراب في تونس حيث تستقطب موسيقاه شريحة هامة من الشباب التونسي والمغاربي لاسيما وان هذا الفنان الشاب اعتمد أساسا على وسائل الاتصال الحديثة للتواصل وإيصال موسيقاه عبر الأنترنت لآلاف من المعجبين بموسيقى الراب والهيب هوب. ويتميز اللون الموسيقي الذي يقدمه بلطي بإيقاعه الأجنبي بكلمات عامية تونسية مستوحاة من صميم الواقع وخاصة مشاكل الشباب الراهنة بدءا من البطالة والحرقة والغربة والإدمان والتفسخ الأخلاقي وأصحاب السوء إلى غير ذلك من المواضيع. و في رصيد هذا" الرابير" الشاب ثلاث ألبومات"اوريجينال ولد بلاد" و"اكستونسيون" والثالث سينزل قريبا للأسواق تحت عنوان"غلوبال كونيكشن". ,واجرت ايلاف لقاء بهذا الموسيقي عصامي التكوين للحديث أكثر عن تجربته الموسيقة واختياره لهذا اللون الغنائي الشبابي. بلطي يعرفك الكثيرن بهذا الاسم هل هو اسمك الحقيقي أم مستعار ؟ بلطي هو لقب العائلة واسم الشهرة واسمي الحقيق هو محمد صالح البلطي وعمري 27 سنة فنان وموسيقي عصامي التكوين. وكيف دخلت لميدان الفن وتحديدا موسيقى الراب والهيب هوب؟ هو ليس اختيار فقد كنت شغوفا منذ الصغر بسماع موسيقى الهيب هوب والراب والبلاك اميركان وتعودت أذناي على هذا اللون الموسيقي وحين كبرت اتضحت لي الرؤية أكثر فأكثر وأدركت أن الراب فن ملتزم على عكس الصورة السلبية التي يحملها الكثيرون عنه فهو يعبر فعلا عن واقع الإنسان ومعاناته وشيئا فشيئا كبرت على هذه الموسيقى ونشأ في داخلي حب هذا اللون ولم أكتفي بالاستماع بل انطلقت في التوزيع الموسيقي وكتابة كلمات الأغاني وفي سنة 2002 سجلت انطلاقتي الحقيقية من خلال إطلاق أول ألبوم "اوريجينال ولد بلاد"وشيئا فشيئا بدأت أعرف على نطاق واسع حيث دعاني المخرج التونسي محمد الزرن لكتابة وتلحين أغنية شريطه السينمائي "الأمير" ثم خضت تجربة ثانية لكن هذه المرة في التوزيع مع النوري بوزيد في شريطه "آخر فيلم". النضج الفني أكيد انه لم يأتي من فراغ هناك مراحل وتضحيات خاصة وانك لم تدرس الموسيقى وانقطعت عن الدراسة باكرا واعتمدت على نفسك؟ فعلا لقد انقطعت عن الدراسة منذ سن السادسة عشرة ولأن الموسيقى في تونس لا تأكل خبز لم أفكر في احتراف الغناء وكنت أشتغل بالتوازي لتأمين لقمة العيش لكن مع ذلك ضحيت في سبيل هوايتي وأعطيتها من وقتي وجهدي والحمد لله وصلت لمرحلة صار لي جمهوري والمعجبين بما أقدمه من موسيقى لاسيما من من أبناء جيلي ألا يمكن اعتبار أن كلمات الأغاني والمواضيع التي تتطرق لها التي تعد نوعا ما من المسكوت عنها في مجتمعنا كالتفسخ الأخلاقي والجنسي والإدمان والبطالة هي التي ساهمت في الإقبال الكبير على موسيقاك؟ بالتأكيد فإذا لم أكن أنا الذي احكي عن مشاكل" أولاد بلادي" فمن إذا سيحكي عنهم وعن مشاغلهم وهمومهم ؟ موسيقاي تعكس الشارع التونسي ليس فقط الشباب بل الأم والأب والمجتمع بأدق تفاصيله. ألا تعتقد أن حسن توظيفك للتكنولوجيا الحديثة وخاصة الانترنت لإيصال موسيقاك ساهم بشكل كبير في معرفة الناس بك على نطاق عالمي؟ بكل تأكيد فنحن لسنا معزولين على العالم فاعتقادي أن اختياري للانترنت ليس من باب الصدفة بل لمعرفة الشديدة بمدى تعلق الشباب التونسي به والتفاعل عبر المدونات أو الفيس بوك ومواقع الدردشة بشكل عام. كما ان الأنترنت أضحت وسيلة مهمة لإنزال ألبوماتي وتحميلها أو بيعها عبر الأنترنت بلطي لماذا اخترت العمل بمفردك دون فرقة ومن دون الاستعانة بملحن أو شاعر فأنت تكتب وتلحن وتوزع؟ صراحة وجدت نفسي محققا الاكتفاء الذاتي في كل هذه المجالات بالتالي وجدت راحتي في العمل بمفردي وقد اشتغلت سابقا في إطار فرق ومجموعات شبابية موسيقة لكن التجربة لم تنجح مع احترامي للعناصر الذين اشتغلت معهم لكن الجمهور أحبني بشكل فردي في غناء"الصولو" 219a
تركيب كلمات عامية تونسية على الحان راب وهيب هوب غربية هل هو أمر سهل؟ في الواقع لست الوحيد الذي قام بهذه التجربة هناك فرق تونسية أخرى من الراب والهيب هوب خاضوا نفس التجربة لكن كل شخص له بصمته وشخصيته والرسالة التي يريد ان يوصلها للمستمعين. بخصوص الكلمات ألا تعتقد أن كلماتك فيها نوعا ما من التحريض على الهجرة و التفسخ الأخلاقي خاصة وان فن الهيب هوب والراب لاطالما ارتبط بموسيقى الشارع وكلمات الشارع؟ بالعكس تماما أنا لا أحرض الشباب التونسي لا على "الحرقة" ولا على التفسخ الأخلاقي بل احرص دائما على إنتقاء كلماتي بكل عناية صحيح انها شعبية لكنها مهذبة يسمعها الأب والأم والأخت والصديق والصديقة وعشر ملايين تونسي . طبعا مع الحفاظ على جوهر الأغنية كما أني لا أقوم برقابة ذاتية على نفسي لأنها تقتل الإبداع. أنت تقطن في منطقة سيدي حسين السيجومي الشعبية أكيد انك استلهمت منها كلمات أغانيك؟ أنا ولدت في نهج القصبة بالمدينة العتيقة لكني أعيش منذ سنوات في منطقة سيدي حسين السيجومي وهي شعبية للغاية و مصدر إلهامي هم شريحة الشباب من رفاق الحومة كبيرهم وصغيرهم من المثقف إلى الأمي والجاهل ومن المتدين إلى السكير والعربيد كل له همومه ومشاغله وأحلامه ونظرته الخاصة للحياة .أغانيا كلها مستوحاة من وضعيات حقيقة ومواقف من الحياة التي أعيشها أو عاشها أصدقائي او أفراد أسرتي وأقاربي. بلطي مواضيعك متنوعة لكن ألا تفكر مثلا في المضي قدما نحو مواضيع أكثر حساسية كالمثلية الجنسية والسيدا الى غير ذلك؟ لا أمانع في ذلك بتاتا لأني اعرف تماما كيف امرر رسالتي للشباب الذي يسمعني فطريقتي في التعبير ليست همجية ولا تتجاوز الأخلاق بل أحاول دائما أن أوصل المعنى بطريقة مهذبة دون إحداث صدمة للمستمعين مثلا كلمات كهذه : تخرج للشارع تضيع اليوم كيف تشوف أحوال الناس اللي حبلت في الحرام واللي مقطع من الأحباس شوف الزطّال شوف اللي ياكل في الأرطال شوف اللي طال بيه الوقت بديبلومو بطّال شوف أحوال شوف اللي مطيح السروال شوف رجال ولاّو نساء ونساء ولآو رجال فنحن في النهاية مجتمع عربي إسلامي لنا ضوابطنا الأخلاقية التي يجب احترامها وعدم تجاوزها. في السنوات الأخيرة بدأت فرق الراب الشبابية منتشرة بشكل ملحوظ في تونس ماهو رأيك في هذه ظاهرة؟ الراب في تونس ظهر منذ التسعينات من خلال أسماء كبيرة كسليم الارناؤط وفيلوزوف وتيمان ومجموعة أولاد بلاد التي كنت انتمي لها صحيح أنها تطورت لاسيما فرق الهيب هوب لكنها ظلت تعمل بشكل خفي في إطار الهواية. ولماذا حسب اعتقادك؟ لان هناك بعض الأشخاص وأقول بعض أعطوا للأسف صورة سيئة عن موسيقى الراب والهيب هوب ف"الرابير" عند التوانسة شخص فاسد ومنحل أخلاقيا "ولد شارع" همجي وليس أهلا أن تعطيه السلطات المعنية فضاءا للتدريب أو تشجّعه ماديا ومعنويا في حين أن هذه الصورة تخص فئة قليلة من فرق الراب في تونس والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه. من هي الفئة المستهدفة في أغانيك بلطي؟ أغاني لاتتعلق بشخص أو مكان معين رسالتي ذات بعد كوني والدليل أني أتلقى يوميا عبر النت آلافا من رسائل الشكر والإعجاب من شباب وكهول ونساء وفتيات يستمعون لاغاني من فرنسا وألمانيا وأمريكا والمغرب والجزائر وغيرها من البلدان وهذا شيئ يسرني كثيرا . وهل هناك تعامل جدي مع فنانين أجانب؟وماذا عن جديدك؟ أمضيت عقدا مع شركة إنتاج أمريكية "روبويتيكس" وهي شركة فنية أمريكية ذات بعد عالمي تهتم بموسيقيي الراب والهيب هوب من كامل أنحاء العالم كما سينزل لي قريبا البوم من إنتاج شركة فوني وسأقوم بجولة فنية في تونس. كما أشتغل على أغنية شريط "المشروع" لمحمد علي النهدي ومسرحية "سعدون 28 " لسفيان الشعري ماهي الرسالة التي تريد إيصالها للشباب عبر أغانيك؟ أريد أولاً أن أغير الصورة السلبية التي يحملها التونسي عن فنان الراب والهيب هوب بأنه شخص متخلف ويائس من الدنيا ومحبط و"كلوشار". الراب فن راقي وملتزم ومهذب وله رسالة هادفة ومعاني نبيلة. كما أريد أن أمنح أبناء جيلي ثقة في نفسهم من خلال الموسيقى التي تتحدث عنه رسالتي هي عدم التواكل والإحباط والدعوة للعمل والمثابرة بالحلال لا أحرض الشباب التونسي على الحرقة أو الغربة انا فقط أحكي بلسانه عن همومه وهو في النهاية حر فاختيار طريقه و مستقبله