هناك مقولة: "أن الفن حسنه حسن وقبيحه قبيح"، بمعنى أن الفن كيفما كان شكله أو لونه أو إيقاعاته فهو بالأساس يعبر عن الرسائل التي تحملها الكلمات والألفاظ، أي أن الإطار الفني ما هو إلا قالب يحمل أفكار يحتاج الفنان إيصالها للمستمع ، والدليل على هذا الكلام كم من فنان أو مغني قد تم تهميشه وإقصاؤه في المهرجانات والبرامج الفنية ليس لأنه أقل موهبة أو أداءً أو لحنا عن نظرائه الفنانين، إنما المسألة تجاوزت مستوى الفن في جلبة من موسيقى وكلمات تكاد تدور في مواضيع متكررة مثل العواطف والحب والغزل ولغة القلوب...، حيث أصبحت الموسيقى حمالة تشكل صوت معارض ينافس المعارضة السياسية الحزبية، تختلف عنها في الشكل لكن تشبهها في المضمون من حيث الصدح بالحق والفضح والكشف عن واقع المجتمع الذي يعيش تحت القهر والظلم والجبروت، ولا أذل على ذلك هو ظهور نوع موسيقي جديد معارض للحكومات الوطنية في شكله فني موسيقى أما مضمونه معارضة تعبر عن رأيها للواقع السياسي المريض، وقد سبقته أنواع موسيقية كثيرة حماسية وثورية وجهادية ووطنية تعبر عن مرجعيتها في معارضة الأنظمة القائمة..
شخصيا كحكم من وجهة نظري وقد يستفز البعض أعتبر أنه ليس هناك على الإطلاق وبدون استثناء وجود أغنية في هذا الكون تعتبر أغنية بريئة. بمعنى آخر لا يوجد مغني بريء ولا يوجد بالمقابل مغني متهم، فكل فن أو فنان يريد خدمة توجه معين سواء من أجل الإصلاح أو من أجل الهدم. في هذه الآونة ظهر نوع جديد قد يختلف فيه الكثيرون على تسميته ألا وهو "الراب الإسلامي"، ومن خلال تتبعي البسيط لهذا النوع أجد عدد المعجبين به يزداد في تكاثر، خصوصا أن هذا الفن يتحدث بلسان الحال ولغة الشباب العصرية موازاة مع تعبير نفسي وتأييد عاطفي للمواقف التي يجهر بها هذا النوع من الفن الذي أصبح يصطلح عليه "الراب الإسلامي" دون الخوض أو الحديث عن الاختلاف الفقهي في استعمال المعازف وأنواع الآلات وطريقة الألبسة وتلك الحركات الموازية للغناء والإيقاعات.
واليوم هناك نجوم تقود هذا النوع من هذا الفن كمثال:
* " لطفي دوبل كانون " من الجزائر:
لطفي بلعمري المعروف في الجزائر فنيا باسم لطفي دوبل كانون، مغني راب جزائري، ولد في 6 يوليو 1974 في عنابة الواقعة في شرق الجزائر ، بدأ الغناء في عمر 14 سنة مع مغنين اشتهر عام 1999 عندما أصدر ألبومه - كاميكاز- وبدأ فنه حينا ذاك في عام 2000 . متحصل على شهادة مهندس دولة في الجيولوجيا و يعتبر لطفي فنان ملتزم. وقام في عيد الأضحى لهذا العام بحملة لجمع التبرعات وهذا الرابط نموذج من
وقد صرح لجريدة الخبر الجزائرية : " لم أكن دوما ضد الدولة، وعندما أنتقد شخصا ما من خلال الأغاني التي أقدمها لا أنتقده في هيئته، وإنما أنتقد عدم وفائه بالوعود التي قطعها على نفسه لخدمة الشعب الذي وضع كامل ثقته به، ولكن وللأسف في الجزائر من يطالب بحقه يعتبر شخصا خارجا عن القانون".
* "مسلم" محمد الهادي المزوري من المغرب:
معروف باسمه الفني مسلم Muslim ) ) مغني راب مغربي من مواليد مدينة طنجة 10.12.1981.
في حوار صحفي أجرته معه جريدة المساء قال: "إنهم يريدون منا أن نقول إن المغرب بيخيرْ وننشط فقط، أما أن ننتقد فهذا ما لا يريدونه ".
وصرح في نفس الصحيفة : " لم ولن نصمت عن الظلم والقمع والفساد والميوعة التي أصبحت شائعة في مجتمعنا. نحن نحب بلدنا وندعو إلى الإصلاح".
ولاشك أن المعجبين بهذا النوع من الغناء هو تعبير عاطفي وانجذاب فكري لمعاني هذا الغناء، وكثيرا ما وصفه بعد الصحفيين بأنه التمرد على الحياة الاجتماعية يظهر في مضامينه السخط والظلم المفروض على المجتمع.
ولعل الراب ضرورة ملحة فرضها الاكتساح الغربي على العالم العربي الإسلامي جعل من الفنانين التواقين للحرية والدفاع عن تطوير أوضاعهم الاجتماعية يسخرونه كأداة للتعبير والتنفيس والاحتجاج براب ملتزم ذى كلمات هادفة بلغة الشارع تارة وبلغة الفصحى تارة أخرى. وينبغي على الفنانين الآخرين أن ينحو منحى الغناء الرسالي الهادف والجاد المعبر عن ألام الاستبداد والناطق باسم الأوضاع الاجتماعية المختنقة. فالفن مغري وأضواءه تبعث على الطمع والشهرة، فما أجمل أن تكون الشهرة لصالح الإنسان وليس على حساب هذا الإنسان.